بقلم أويانغ مو – مقاطعة هوبي
يمر الوقت سريعًا حقًا. كبرت هونغر من فتاة صغيرة ساذجة إلى امرأة شابة رشيقة، واستيقظ اهتمامها الناشئ بالحب. لم تكن مهتمة بالثروة أو المكانة، لكنها فقط أرادت علاقة تتميز بالحميمية والحب، بغض النظر عن العواصف التي تتعرض لها، حيث يساعدان بعضهما بعضًا في أوقات الحاجة، ويكبران معًا. كانت تنتظر بهدوء وصول لحظة معينة…
اقتحم عالمها، مما جعل قلبها يرفرف لوجهه الوسيم وعينيه الصافيتين تمامًا، وكان يكّن أيضًا مشاعر تجاهها. ابتداء من ذلك الحين، غمرت أشعة الشمس أيامها الهادئة اللطيفة، ومع مرور الوقت، اقتربا من بعضهما بعضًا، وألهم حنانه وحساسيته الحب في هونغر أكثر من مظهره الجميل. عرفت أنه كان الشخص الذي أرادت أن تأتمنه على حياتها وأن تكبر معه. كما تعهد بغمرها بالسعادة مدى الحياة. ولكن اشتكى والداها من أنه ينمتي إلى عائلة فقيرة وأراداها أن تتركه. لم تهتم هونغر بذلك مطلقًا، بل بأنهما كانا يحبان بعضهما بعضًا حقًا ويمكنهما أن يبقيا معًا طوال العمر. وبرغم اعتراض والديها، رحلت معه بعيدًا.
بعد فترة قصيرة، أنجبا ابنًا صغيرًا رائعًا ممتلئ الجسم، وقد عملا بلا كلل لتوفير حياة مريحة له. ومع أن الأمر كان صعبًا ومرهقًا لهونغر، إلا أن العمل الجاد إلى جانب حب عمرها لرعاية منزلهما معًا سبّب فرحًا رائعًا لها. أنفق زوج هونغر نصف راتبه الشهري في عيد ميلادها مقابل تشغل أغنية عاطفية – Rain or Shine – على الراديو خصيصًا من أجلها. وما أن أُذيعت الأغنية، تأثرت لدرجة البكاء؛ إذ سمعت في تلك الأغنية أصوات قلبيهما تتناغم في وحدة. ماذا يمكن أن يكون أغلى من حب شخصين مرتبطان إلى الأبد وملتزمان ببعضهما بعضًا؟ لم تكن تبحث عن ثروة كبيرة، بل مجرد هذا النوع من الانسجام الزوجي والحب. كان مثل هذا المنزل المتناغم كافيًا لها.
عائلة سعيدة
مرت السنوات مثل الأيام، وفي غمضة عين كانت عشرون سنة قد مرّت بالفعل. كبر ابنهما، وكانا يعملان بجد جنبًا إلى جنب لتأسيس شركة عائلية كبيرة الحجم. لكن في مرحلة ما أدركت أن مرات عودته إلى المنزل تقل شيئًا فشيئًا، مقدمًا المزيد والمزيد من الأعذار لأنه مضطر لأن يوفر الترفيه للآخرين. وتحوّل المنزل الذي كان دافئًا وسعيدًا يوما ما إلى منزل تخيّم عليه البرودة. كانت هونغر قلقة: عندما كانوا يستعدون لتأسيس الشركة، كانت توجد الكثير من الأشياء التي تعيّن عليه التعامل معها، ومع أنه كان مشغولًا حقًا خلال ذلك الوقت، فقد كان دائمًا ما يعود إلى المنزل بأسرع ما يمكن. الآن جميع جوانب تشغيل الشركة تسير على الطريق الصحيح وهو غير مشغول كما كان من قبل، فلماذا باتت مرات عودته إلى المنزل أقل؟ كانت تشعر بالقلق وعدم الارتياح. كانت تفهم بالطبيعة أسلوب عملائها، حيث أصبح تقديم خدمة شاملة لجميع أشكال الترفيه مثل تدليك القدمين والساونا والكاريوكي والملاهي الليلية قواعد معروفة في هذه الصناعة، وتبنى كثير من الرجال اتجاهًا للذهاب إلى جميع أنواع أماكن الترفيه للحصول على علاقة جنسية أو لقاء غرامي لليلة واحدة. ومع وجود زوجها الذي يوفر الترفيه للضيوف يومًا بعد يوم، ودخوله وخروجه من أماكن الترفيه التي كانت ممتلئة بالإغراء، هل يمكن أن يكون…؟ كلا، مستحيل! لقد كانت تسير هي وزوجها جنبًا إلى جنب في كل عاصفة على مدى العقدين الماضيين، وكان كل شيء صغير خلال ذلك الوقت يشهد على حبهما. كيف يمكن لهذا الأساس القوي للحب أن ينهار أمام قليل من الإغراء؟ كانت واثقة من أن حبهما يمكن أن يصمد أمام أي اختبار، واستخدمت هونغر ذلك لتهدئة نفسها، لكنها في مواجهة واقع الأمر، كانت لا تزال غير مرتاحة تمامًا.
لكن الواقع لم ينحن لتهدئة هونغر لنفسها كما كانت تتمنى. كان زوجها يدفع نفقات كبيرة غير مبررة واحدة تلو الأخرى، وزادت مرات عدم عودته إلى المنزل أكثر فأكثر، وكان مراوغًا جدًا في أعذاره. كانت كل هذه الأشياء ضربات لها. وثقلت المخاوف في قلبها أكثر من أي وقت مضى. ومع أنها شعرت أن زوجها ربما كان غير مخلص لها استنادًا إلى سلوكه غير العادي، إلا أنها لم تكن مستعدة لقبول هذا الواقع أو الاعتراف به. لم تكن تجرؤ على تصديق أن الرجل الذي تعهد بمنحها السعادة طوال عمرها، والذي نجا من عقدين من العواصف بجانبها، يمكنه أن يخونها فجأة. هل كان تعهده بقوله "حتى يفصلنا الموت" مجرد كذبة سهلة؟
لم يعد يسمح الواقع لهونغر بمواصلة خداع نفسها؛ وبدأت تتتبعه. تتبعته في أحد الأيام إلى إحدى المناطق الثرية للغاية واكتشفت أنه يوجد منزل قد بناه ليقيم فيه مع امرأة أخرى. كانت اللحظة التي رأت فيها المرأة وهي تحمل طفلاً صغيرًا بين ذراعيها صدمة مفاجئة. لم تجرؤ على تصديق عينيها. لقد حدث معها عدة مرات أن يكون زوجها داخل وخارج الفنادق مع نساء أخريات، وأن الأمر لم يكن أكثر من كونه ودودًا معهن، لكنها لم تكن لتتخيل قط أنه يقيم أسرة أخرى وينجب طفلاً من امرأة أخرى. في تلك اللحظة، تحطم وسقط آخر إحساس بالارتياح داخلها وكانت تهدئ نفسها به في وجه الحقيقة القاسية. وتهاوت سريعًا وفي غمضة عين وعودهما وكل جانب من جوانب الدعم المتبادل بينهما على مدار أكثر من عقدين من الزمن. كيف يمكنه أن يكون بلا قلب هكذا؟ هل يمكن أن يكون قد نسي حقًا وعده بمنحي السعادة مدى الحياة؟ هل نسي المشاعر التي عبّر عنها من خلال أغنية "Rain or Shine"؟ هل نسي أنها تخلّتْ عن كل شيء من أجله، ونسي كل ما مرّا به معًا؟ كيف يمكنه أن ينسى؟ لماذا يفعل ذلك بها؟ كيف يمكن لعشرين سنة من الحب أن تفشل في الصمود أمام إغراء شخص غريب؟ في تلك اللحظة تملّك الغضب والحزن هونغر، وكان قلبها يرتجف وانهمرت الدموع على وجهها دون إرادتها. صرخت في وجهه بقسوة: "هل أنت متأكد من أنك تريد أن تطرحني وابنك جانبًا وتختار هذه المرأة؟" كانت تأمل في أن ترى نظرة إحساس بالذنب على وجه زوجها، وأن يخبرها بأنه كان مخطئًا، وأن يقول أنه ما زال محتفظًا بأسرته في قلبه، لكنه كان صامتًا تمامًا أمام دموعها وتساؤلاتها. عندما رأت موقفه، انهارت هونغر تمامًا. لم يكن لديها أي فكرة على الإطلاق عن سبب خيانتها بهذه القسوة، وصفعته بشدة، غير قادرة على تحمل الاستياء في قلبها.
لم تتذكر هونغر أي شيء عن خروجها من هذا المكان، إذ شعرت وكأن كل شيء قد اُنتزع من داخلها. وقفت على الشاطئ بينما يتوارى الشفق أكثر فأكثر، بلا رفقة سوى ضوء يتلاشى وآخر شعاع من غروب الشمس. كانت موجة بعد موجة من الآلام تضرب قلبها، ورأت أمام عينيها مشهدًا بعد مشهد من عقدين من الزمان معًا. لقد تجاهلت اعتراضات عائلتها عليه ورحلت بعزم بعيدًا عن المنزل. لقد عزمت في قلبها على أن تكون إلى جانبه ولم تضعف أي من قيودهما المالية من مشاعرها ولو قليلاً. لقد اجتازا جنبًا إلى جنب كل مرّ وحلو، وصمدا وسط الرياح والمطر. لقد أصبحا أغنياء وكبر طفلهما، لكنه كان في الواقع قادرًا على الألقاء بعائلة سعيدة لبناء عش مع امرأة أخرى. لقد كرهت التغير الذي حدث له وكرهت قسوة قلبه. ولكن بمجرد تفكيرها في اختفاء هذه العائلة السعيدة التي عملت بجد من أجلها، شعرت أنها لا تستطيع تحمل انفصالها وأرادات أن تفعل كل ما في وسعها لاستعادتها. بمجرد أن يعود، يمكنها أن تغفر أخطاءه السابقة لأنها راهنت بكل سعادتها معه.
بدأت هونغر بعد عودتها إلى المنزل في وضع خطط لإنقاذ زواجها. قالت لها إحدى صديقاتها: "عندما يخرج رجل ويعمل من أجل كسب الرزق، يكون لديه ما يكفي من التعبيرات الباردة هناك. وعندما يعود إلى المنزل يحتاج إلى الشعور بدفء المنزل؛ وبهذه الطريقة سيشعر بالسعادة. مثلما يقولون: "الطريق إلى قلب الرجل هو معدته". كانت هونغر تعرف أن زوجها يحب الزلابية، لذلك كانت كل يوم تصنع بعناية عدة أنواع مختلفة من الزلابية بنفسها وتفكر في كل الوسائل الأخرى لتستفسر عنها سرًا. لقد استخدمت ابنهما للتوصل إلى كل أنواع الأسباب التي تدفعه إلى العودة إلى المنزل، ولكن مهما حاولت كسبه بالتملق، فقد كان دائمًا فاترًا. فكرت هونغر في أنه ربما لم يكن مهتمًا لأنها كانت تتقدم في العمر وتفقد مظهرها، لذا بدأت بذل كثير من الطاقة في جعل نفسها تبدو أصغر سنًا. لقد فكّرت في العديد من الطرق لاستعادة قلب زوجها، لكن كان ذلك بلا نفع. كانت تلك الفترة الزمنية صعبة ومتعبة للغاية لها، وشعرت بالعجز حقًا. كانت الدموع تغسل وجهها كل يوم، ولم تستطع النوم جيدًا ولو لليلة واحدة. لم تكن تعرف عدد الأشياء التي حاولت القيام بها لإصلاح منزلها المحطم. وإذ لم يكن أمامها أي خيار آخر، ما كان أمامها سوى أن تنتظر في ألمها حتى يعود زوجها.
انتظرت هونغر بهذه الطريقة لمدة ثلاث سنوات، وطوال تلك الأيام الطويلة سألت نفسها أكثر من مرة: "كيف يمكن أن تختفي مشاعر دامت لأكثر من عشرين عامًا هكذا؟ لماذا لم أستطع أن أحصل على أسرة سعيدة مترابطة من كل ما وضعته فيها؟" لقد تساءلت مرارًا وتكرارًا، لكن لم يستطع أحد أن يقدّم لها إجابة. انتظرت يومًا بعد يوم، لكن لم يتغير أي شيء. كان ذلك بلا شك "حكمًا بالإعدام" على زواجهما. وإذ كانت تعاني هونغر من انكسار قلبها، لم يعد لديها القوة لتحمل هذا النوع من الضربات. كان لديها ما يكفي ولم تعد لديها الشجاعة أو الطاقة اللازمة للمواصلة، وتناولت جرعة من أربعين قرصًا من دواء مهدئ دفعة واحدة…
حزين وحزين
استيقظت في اليوم التالي لتجد نفسها في المستشفى ورأت ابنها وزوجها هناك. انهمرت الدموع الشديدة على وجهها دون توقف – بكت حتى شعرت بالدوار وكان قلبها في حالة يرثى لها. لقد كان اجتماع العائلة في ظل هذه الظروف مثيرًا للسخرية، ولكن لم يكن يوجد ما يمكنها فعله حيال ذلك. حدّقت في السماء وتنهدت قائلة: "مَنْ يستطيع أن يخبرني لماذا يمكن لزوج وزوجة أن يجتازا الشدائد معًا، لكنهما لا يستطيعان تحقيق ذلك في وجود الثروة؟ كيف يمكن أن يكون حب استمر لأكثر من عقدين هشًا هكذا؟"
لم يمض وقت طويل على ذلك وشاركت حماة ابن هونغر إنجيل الله في الأيام الأخيرة معها وأخبرتها أن الله وحده هو الذي يستطيع أن يخلّصها ويعتني بكل معاناتها. هذا لأن الإنسان خلقه الله. في البداية، عاش البشر تحت رعاية الله وحمايته وعاشوا في سعادة بالغة، لكنهم ابتعدوا بعيدًا عن الله لأن الشيطان قد أفسدهم. بدأوا ينكرون وجود الله ويعيشون وسط إيذاء الشيطان، وزاد الإحباط والألم أكثر فأكثر. صار الله نفسه جسدًا ليعبّر عن الحق ويخلّص البشر من أجل انتزاعهم من قبضة الشيطان. إذا جاء شخص ما أمام الله، وقرأ كلامه وفهم الحق منه، فعندها فقط يمكنه أن يدرك أصل الشر في المجتمع، ويبقى بعيدًا عن إيذاء الشيطان، ويعيش تحت رعاية الله وحمايته. قرأت حماة ابنها فقرة من كلام الله:
"يرحم الله القدير هؤلاء الناس الذين يعانون بشدة. وفي الوقت نفسه، لقد سئم من هؤلاء الناس الذين هم بلا وعي؛ لأن عليه أن ينتظر وقتًا طويلاً للحصول على إجابة من البشر. إنه يرغب في السعي، السعي للوصول لقلبك وروحك. هو يريد أن يأتي لك بطعام وماء وأن يوقظك، حتى لا تعود عطشانَ أو جائعًا. عندما تكون ضجرًا وعندما تبدأ في الشعور بخراب هذا العالم، فلا تتحير ولا تبك. الله القدير، الساهر عليك، سوف يحتضن وصولك في أي وقت. إنه يراقبك وهو بجوارك، في انتظار عودتك. إنه ينتظر اليوم الذي تستعيد فيه ذاكرتك فجأة: فتصبح واعيًا لحقيقة أنك جئت من الله، وبطريقة أو بأخرى، في مكان ما تهت، وسقطت فاقدًا الوعي على جانب الطريق، ومن ثم، دون أن تدري صار لك أبٌ. وتدرك كذلك أن الله القدير كان ساهراً هناك، في انتظار عودتك طوال الوقت" ("تنهُد القدير" في الكلمة يظهر في الجسد).
بعد أن استمعتْ هونغر إلى هذه الكلمات التي لم تسمع بها قط من قبل، تأثرت بشدة، تمامًا كما لو كان تيار دافئ يسري في قلبها ويمنحها دفئًا في جسدها وقلبها. لم يكن أحد يفهم الحزن العميق في قلبها خلال السنوات القليلة الماضية، ولم يستطع أحد أن يتحمل معها عبء آلامها. لم يستطع أحد على وجه الخصوص أن يفهمها أو يريحها. لقد أمضت العديد من الليالي وحيدة بلا نوم، تبكي بصمت في وحدتها حتى بزوغ الفجر. لقد تبعها الجرح كظل لا يمكنها أن تنساه أو تتخلص منه أبدًا. ظنت أنها ليس لديها خيار سوى الاستمرار هكذا في وحدة وألم لبقية حياتها. لكن في ذلك اليوم، قرعت هذه الفقرة باب قلبها. لقد أدركت أنها عندما كانت تعاني الألم والمعاناة الدائمة والبكاء، كان الله يعلم بحالها وكان دائمًا إلى جانبها في انتظار عودتها إليه. عندما سمعتْ هونغر كلام الله المُشبِع، لم تستطع أن تحبس دموعها؛ وشعرت أن الله كان معها وأنها حقًا ليست وحدها. مع أنها لم تكن قد سمعت عن الله من قبل ولم تكن تعرف شيئًا عنه، إلا أنه كان دائمًا ساهرًا إلى جانبها. لم ينقذها في الوقت المحدد وحافظ على حياتها عندما قررت أن تموت فحسب، بل عندما فقدت الأمل تمامًا في الحياة، سمح لها أن تسمع صوته من خلال حماة ابنها. استخدم الله كلامه ليحرّك قلبها ويمنحه الدفء، ويأتي بالأمل والتغيير نحو الأفضل في حياتها التي عانت فيها اليأس والألم. في تلك اللحظة، شعرت هونغر بمحبة الله وخلاصه، وتعزّى قلبها المجروح، وأصبح لديها شيء تستند عليه.
بعد ذلك بدأت هونغر في الذهاب إلى كنيسة الله القدير، وقراءة كلام الله، ومشاركة الحق، والترنّم بترانيم تسبيح لله مع إخوتها وأخواتها. رأت أن جميعهم كانوا طيبين ويعاملون الآخرين بصدق. لقد كانوا قادرين على الانفتاح ببساطة وبصراحة حول الفساد الذي يُظهروه، ثم دراسة ذلك الفساد بحسب كلام الله والسعي لأن يكونوا أشخاصًا صادقين يحبهم الله. لم يكن أحد يسخر من أي أحد آخر، ولكنهم كانوا يساعدون بعضهم بعضًا، ويقدمون المعونة لبعضهم بعضًا. كان كل وجه ممتلئًا بابتسامات سعيدة. وجدت هونغر الأجواء المُخْلصة والمبهجة، وتمتعت بنوع من بالارتياح والحرية داخل تلك العائلة الكبيرة التي لم تكن تمتلكها من قبل. لقد اكتشفت مجددًا الدفء الذي لم تشعر به منذ فترة طويلة والشعور بالعودة إلى المنزل. كانت الضغوطات التي تقع عليها تتلاشى يومًا بعد يوم، وظهرت ابتسامات تدريجيًا على وجهها. وجدت إجابات في كلام الله عن الأمور التي أربكتها لزمن طويل، وتعرّفت على جذور معاناتها. رأت ما يلي في كلام الله:
"في الواقع، يعتبر الإنسان هو الأدنى بين مخلوقات الله التي لا تحصى. وعلى الرغم من أن الإنسان هو السيد على كافة الأشياء، فهو الوحيد من بينها الخاضع لخداع إبليس، وهو الوحيد الذي يقع فريسة الطرق غير المحدودة لفساده. لم يكن للإنسان أبدًا سيادة على نفسه. ويعيش معظم الناس في مكان إبليس الكريه، ويعانون من سخريته؛ إنه يضايقهم بهذه الطريقة، إلى أن يكونوا نصف أحياء يتحملون كل تقلّب وكل مشقة في العالم الإنساني. وبعدما يتلاعب إبليس بهم، يضع نهاية لمصيرهم" ("تنهُد القدير" في الكلمة يظهر في الجسد). "تحمل كل هذه الاتجاهات واحد تلو الآخر تأثيرًا شريرًا يؤدي باستمرار إلى تدهور الإنسان، وإلى فقدان ضميره وإنسانيته وعقله باستمرار، وانحطاط أخلاقه، ونوعية شخصيته أكثر فأكثر، حتى أنه يمكننا القول إن غالبية الناس لا يتمتعون الآن بأي نزاهة أو إنسانية، ولا يمتلكون أي ضمير، ولا حتى أي عقل" ("الله ذاته، الفريد (و)" في الكلمة يظهر في الجسد). "جميعكم على دراية بكلمة خيانة لأن معظم الناس قد فعلوا شيئًا كان بمثابة خيانة للآخرين من قبل، مثل زوج يخون زوجته، وزوجة تخون زوجها، وابن يخون والده، وبنت تخون أمها، وعبد يخون سيده، وأصدقاء يخونون بعضهم بعضًا، وأقارب يخنون بعضهم بعضًا، وباعة يخونون مشترين، وهكذا دواليك. تشتمل كل هذه الأمثلة على جوهر الخيانة" ("مشكلة خطيرة جدًا: الخيانة (1)" في الكلمة يظهر في الجسد). "إن طبيعة الإنسان هي حياته، وهي قاعدة يعتمد عليها من أجل البقاء، ولا يمكنه تغييرها. وتمامًا مثل طبيعة الخيانة – إذا كان بإمكانك فعل أمر ما لخيانة أحد الأقارب أو الأصدقاء، فهذا يثبت أنها جزء من حياتك وأنها الطبيعة التي وُلدت بها. هذا أمر لا يمكن لأحد أن ينكره" ("مشكلة خطيرة جدًا: الخيانة (1)" في الكلمة يظهر في الجسد).
من خلال كلام الله، فهمت هونغر أن كل المعاناة الإنسانية تنبع من فساد الشيطان، وأن جميع الناس يعيشون في وعاء كبير مُشبّع بالشر. لقد أمطرنا الشيطان برسائله الشريرة مثل: "حافظ على الأسرة قوية، واستمتع بوقتك في الجانب الآخر"، و"الحياة قصيرة. استمتع بها ما دمت تستطيع"، و"اغتنم اليوم من أجل المتعة، لأن الحياة قصيرة"، و"تسعة من كل عشرة رجال يخونون، أما العاشر فهو مجرد أحمق". تفترض هذه العبارات أنه عندما ينظر رجل إلى امرأة أخرى ويكون له عشيقة أمر مقبول وهو علامة على المكانة. بالإضافة إلى ذلك، أماكن الترفيه التي تعج بالإغراءات موجودة في كل مكان، من الشوارع الرئيسية إلى الأزقة الصغيرة، مما يجعل الأمر مريحًا للغاية للناس لتنغمس في ملذات جسدية شريرة. كثير من الناس يشاركون بوقاحة في علاقات جنسية أو لقاءات غرامية لليلة واحدة. إنهم شريرون وفاسدون، وفاسقون لدرجة أنهم يفتقرون إلى أي صورة إنسانية. عندما لا يفهم الناس الحق، لا يمتلكون أي تمييز بين الخير والشر أو الجمال والقبح أو أي قدرة على التمييز بين الأشياء الإيجابية والسلبية. وجهات نظرهم حول الأشياء ملتوية ويأخذون الأشياء الشريرة على أنها عادلة وشريفة. إنهم يتخلّون عن وعودهم ويخونون زواجهم لمجرد إرضاء رغباتهم الجسدية، ويفقدون الإنسانية والعقل والأخلاق والكرامة التي يجب أن يتمتع بها البشر. إنهم يعيشون تحت مُلك الشيطان وينغمسون تمامًا في الجسد، ويسعون وراء إشباع رغباتهم، ويلبّون رغباتهم غير المرغوب فيها. لقد فكرتْ هونغر في هذا المجتمع الشرير. خيانة الأزواج لزوجاتهم وخيانة الزوجات لأزواجهن أمر شائع؛ إذ في ظل تأثير الاتجاهات الشريرة، لا يقاوم الأشخاص الذين يفتقرون إلى الحق هذه الأمور. إنهم يخضعون لتأثير هذا التفكير الشرير ضد إرادتهم، ويتجاهلون المسؤوليات والأخلاق والعدالة وضمائرهم لمجرد تلبية رغبة جسدية عابرة. لقد طرحوا زوجاتهم جانبًا، مما تسبب في ضرر عاطفي لا يصدق لعائلاتهم، وربما يؤدي حتى إلى معاناة مدى الحياة. رأت هونغر أن زوجها كان أيضًا ضحية لهذه الاتجاهات الشيطانية الشريرة. وأعادت التفكير في الطريقة التي اعتاد بها زوجها أن يكون شديد الاهتمام والمحبة تجاهها، وأنهما لم يسعيا قط إلى الحصول على ثروة مادية لأنفسهما – مجرد الحب والمودة والسعادة والوئام فيما بينمها. ولكن بمجرد أن أصبحا غنيين، بدأ زوجها يكثر من تقديم الترفيه للعملاء والتنقل من مكان إلى آخر. لم يستطع مقاومة إغراء تلك الاتجاهات الشريرة، وبدأ يعيش حياة من الفجور. كان لديه علاقة غرامية وكان يعيش برغباته غير المرغوب فيها، ولا يفكر سوى في إرضاء شهوته الجسدية. لم يعير أي انتباه لمشاعرها، ولا حتى لأسرتهما. وأدى ذلك إلى تحطم منزلهما واغترابهما عن بعضهما بعضًا. بدا الحب الذي تقاسماه لأكثر من عشرين عامًا هشًا للغاية في مواجهة هذه الاتجاهات الشريرة؛ فلم يتمكّن من تحمُّل أخف ضربة. ألم يكن كل هذا نتيجة إفساد الشيطان للإنسان؟
أدركت هونغر أنها قد تأذت بشدة من الشيطان، إذ كانت تسعى دائمًا إلى حب الانسجام الزوجي والتقدم في العمر معًا و"حتى يفصلنا الموت". ظنت أن وجود هذا النوع من الزواج هو السعادة الوحيدة في الحياة. بعد أن ضلّ زوجها حاولتْ كل شيء لإنقاذ حبهم الذي تحطّم، وعندما لم تتحقق رغبتها، عاشت تحت وطأة ألم ولم تستطع تخليص نفسها، حتى أثناء محاولتها العثور على الراحة في الموت. ألم يكن كل ذلك مجرد أفكار ووجهات نظر خاطئة سقط فيها الإنسان بسبب الشيطان، الذي حاول أن يستغلها ويؤذيها؟ لم تفهم هونغر أن جميع البشر أنانيون ويفعلون كل شيء لمصلحتهم ووفقًا لمبادئهم إلا من خلال كلام الله. لا يوجد حب حقيقي بين شخصين؛ فالحب الرومانسي ببساطة غير موجود. لكن الشيطان يستخدم كل أنواع المفاهيم السخيفة لإفساد الناس وإغرائهم حتى يقدّسوا الشر ويسوعوا إلى الحب الرومانسي قبل كل شيء، ويعيشون بالكامل في وهمه. يصيرون أكثر فسادًا وفسقًا شيئًا فشيئًا، ويبتعدون عن الله أكثر فأكثر. اختبرت هونغر آنذاك حقًا أن بدون الحق، لن يكون للناس أي تمييز بين الخير والشر والجمال والقبح، ولا يميزون بين الأمور الإيجابية. سيكونون فقط ألعوبة للشيطان الذي يأذيهم، وسيبتلعهم بالكامل في النهاية. بفضل خلاص الله، رأت هونغر حقيقة إفساد الشيطان للبشر واكتشفت أصل المعاناة. أنار كلام الله قلبها كثيرًا، وشعرت براحة أكبر بكثير.
بعدها قرأت هونغر هذه الفقرة من كلام الله:
"لأن جوهر الله قدوس، فهذا يعني أنه لا يمكنك السير على الطريق الصحيح والمشرق في الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا يمكنك أن تعرف معنى الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا تستطيع أن تحيا حياة حقيقية، وتقتني الحق، وتعرف الحق إلا من خلاله، ومن خلال الله وحده يمكنك اقتناء الحياة من الحق. يستطيع الله وحده بذاته أن يساعدك على الحَيْدِ عن الشر، وأن ينجّيك من أذى الشيطان وسيطرته. لا يستطيع أحد أو شيء سوى الله أن يخلصك من بحر العذاب، فلا تتألم مجددًا: هذا ما يحدده جوهر الله. يُخلِّص الله بذاته وحده نفسك بلا أنانية، فالله وحده هو المسؤول في النهاية عن مستقبلك، وعن مصيرك، وعن حياتك، وهو يرتب كل شيء لك. هذا أمر لا يمكن لشيء مخلوق أو غير مخلوق أن يحققه، لأنه لا شيء مخلوق أو غير مخلوق يمتلك جوهرًا مثل جوهر الله هذا، ولا يوجد شخص أو شيء لديه القدرة على أن يُخلِّصك أو يقودك. هذه هي أهميّة جوهر الله للإنسان" ("الله ذاته، الفريد (و)" في الكلمة يظهر في الجسد).
فهمت هونغر من خلال كلام الله أن الله وحده هو الذي يمكنه تخليص الإنسان من فساد الشيطان، ويمكن للناس أن يتمتعوا بتمييز تكتيكات الشيطان وأساليبه في إفساد البشر من خلال فهم الحق من خلال كلام الله. هذه هي الطريقة الوحيدة لإدراك خداع الشيطان والهروب من إيذائه والعيش بحرية. تنهدت هونغر معربة عن أسفها لأنها ظلت تحت سيطرة الأفكار الخاطئة لسنوات عديدة وأن سعيها وراء السعادة عن طريق الزواج لم يكن سوى وهم. فكرت في حقيقة أن زوجها كان أيضًا شخصًا فاسدًا أفسده الشيطان، وكل ما سعى إليه كان أشياءً سلبيةً شريرةً. لذلك لم يمكنه سوى جلب المعاناة الضرر لها، ولم يستطع أن يجلب لها أي سعادة على الإطلاق. محبة الله للناس هي وحدها الحب غير الأناني، والله وحده هو مَنْ يريد أن يُخلّص الناس من سيطرة الشيطان. لقد عبَّر الله عن كل أنواع الحقائق، ويرتب جميع أنواع البيئات من أجل تنقية البشر وتغييرهم، وكل ذلك لقيادة الناس للهروب من إيذاء الشيطان وجلب حياة من السعادة لهم. ولكن من جهة البشر الفاسدين، فما أن يمسَّ شيء ما مصلحتهم الشخصية، سوف يخونون؛ الله وحده هو الذي يمكن أن يكون بجانب الناس في جميع الأوقات، وفي جميع الأماكن، ومساعدتهم على التغلب على كل المحن. الله وحده هو الذي يمكن الاعتماد عليه حقًا، وبيت الله هو الميناء الحقيقي الوحيد لنفس المرء. لم يكن لدى هونغر في الماضي أي فهم للاتجاهات الشريرة التي يثيرها الشيطان، وعاشت في كراهية زوجها دون أي سعادة أو فرح. كانت تقضي كل يوم في بؤس، إذ قيّدها الشيطان وأضرها، وكان الألم لا يوصف. والآن بعد أن اكتشفت أصل معاناتها، لم تعد تكره زوجها. لقد كان مثل ثقل كبير رفعه الله عن عاتقها، وشعرت بنوع من السلام والراحة والحرية في روحها لم تشعر بها من قبل! لقد اكتسبتْ حقًا اختبار التمتع بتمييز جميع أنواع الأشخاص والأحداث والأشياء من خلال فهم الحق، وتحرّرت أخيرًا من عذاب المعاناة والأذى من الشيطان.
بعد خيانة زوجها خلّصها الله من ضباب الألم
الآن بعد أن حصلت هونغر على استنارة كلام الله وإرشاده، لم تعد في حالة معنوية منخفضة كما كانت من قبل. كما أنها تغاضت عن خيانة زوجها لزواجهما وتصالحت معها. وأخيرًا ودّعت تلك الأيام التي اكتست بضباب غمر حياتها، وكل مَنْ عرفها قال إنها قد تغيّرت على المستوى الشخصي، وأنها تمتعت بصفاء الذهن والخلو من الهموم . كانت ممتلئة بالامتنان لله لأن كل هذه التغييرات تحققت من خلال كلامه.
مرت عدة سنوات، والآن تقرأ هونغر كلام الله كثيرًا، وتعيش حياة كنسية، وتشارك في كلام الله مع إخوتها وأخواتها، وتضع كل شيء لإتمام واجبها كمخلوق من المخلوقات. تشعر بالرضا الكبير عن أيامها. لقد فهمت بعض الحقائق ورأت بوضوح أن حياة الشخص على الأرض لا تُعاش فقط من أجل الزوج أو الأطفال، ولكن من أجل إتمام واجب المخلوق المناسب، وأنه لا يمكن للمرء أن يُفرّح الله إلا من خلال العيش بهذه الطريقة. لقد عثرتْ أخيرًا على الطريق الصحيح في الحياة، وهو اتباع الله، وقبول دينونة كلام الله وتوبيخه، والخضوع لعمل الله، والسعي لفهم الحق واكتسابه. إن هذا يعني اتقاء الله والحيدان عن الشر، وأن تصير شخصًا يطيع الله ويعبده. ليست الحياة السعيدة ذات المعنى إلا كل هذه الأمور. رغبة هونغر هي اتخاذ هذا النوع من المسار في الحياة تحت إرشاد الله وقيادته، ونيل الحق والحياة، وتحرير نفسها تمامًا من إيذاء الشيطان، وعيش حياة ذات معنى – أي الحياة بحسب الحق وتمجيد الله!
هذه المقالة مأخوذة من: موقع كنيسة الله القدير
لمعرفة المزيد: خلاص الله حيوي بالنسبة لنا، فكيف نمارس من أجل كسبه؟ اقرأ الآن لتجد الطريق للحصول على خلاص الله.